مذكرات, يوميات أكاديمية

I Like U :)

القلوب الصافية ترى الجمال في أبسط الأشياء والأعمال النابعة من نفوس صادقة تكشف عن نفسها دون مقدمات . اليوم كالعادة انتهيت من بعض الأمور في الجامعة وكنت أشق طريقي من وسط مركز التسوق للبيت , لم يكن يشغلني سوى هموم الدراسة والسفر . استوقفني نشيد أطفال في المرحلة الابتدائية  من أجل جمع تبرعات لإحدى المنظمات . حينها أمسكت بمرفقي سيدة مسنة برفق شديد وتبتسمت  فدار بيننا الحوار التالي :

هي : غناء الأطفال جميل أجادوا

أنا : نعم جميل

هي : الجو بارد هل ترتدين ملابس كافيه لتدفئة نفسك ؟

أنا : نعم تعودت على الجو  : )

ثم وضعت راحت يدها على خدي لتتأكد من أنني دافئة كما يجب : )

هي : من أين أنت؟

أنا : من السعودية

هي تحاول نطق السعودية : سودي ربيا

أنا : نعم في الشرق الأوسط

هي :  نعم , أنا من استريا “النمسا” , I like You

أنا : شكرًا لك : )

هي: هل أنت طالبة ؟

أنا : نعم طالبة في الجامعة

هي :  God Bless you  أتركك الآن : ) مع السلامة

أنا : مع السلامة

 

 استوقفتني لأني كنت اقف بمفردي واقتربت مني لتتحدث معي قبل أن تواصل طريقها, السؤال الذي دار بمخيلتي ما الذي جعلها تبادر للتحدث معي ؟ وأغلب الناس هنا لا يتبادلون الكثير من الأحاديث الجانبية. ما الذي يقربها من محجبة لا يظهر سوى نصف وجهها؟ , وهو المنظر الذي “قد ” يراه البعض من أخوه الدين منفر !. قابلت الكثير من المحترمين واللطفاء في بريطانيا وتبادلت الكثير من الابتسامات التي لم يبادلني نصفها من هم من بلدي أو على ديني!  .التواصل اللطيف لم يكن  مستغرب فحين أرى تعاملهم معي يختفي في داخلي الشعور بالاختلاف والاحتراز وبوجود فرق بيني وبينهم . سعدت بتواصل هذه السيدة المسنة لأنها اقتربت وفتحت نافذة صغيرة للحوار  . حقيقة الموقف استعاد لذهني الموقف الوحيد الذي تعرضت فيه لإهانة حقيقةفي بريطانيا !في ذلك اليوم الجميل في حفل التخرج في لندن حين استنكر الملقب بالأب الروحي لليبرالية مظهري وتقزز منه وهو إبن الإسلام وإبن مكة . طوال طريقي إلى شقتي كان يتردد في ذهني بيت شعر لأبي الفتح البستي والذي يقول فيه :

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم * فطالما استعبد الإنسان إحسان

الجميل في هذا العالم الاختلاف الذي يجعلنا نتعايش ونتناغم مع بعضنا البعض و نحترم اختلافاتنا . اختلاف المذهب , العرق , المستوى الاجتماعي أو الثقافي أو التعليمي , الجنس, الجنسية ليس سبب كافي لنحب أو ننفر من الآخرين الذين يختلفون عنا . كنت دائما أعتقد من مواقف سابقة أن المتقدمين في العمر في بريطانيا ينفرون من الحجاب ويتجهمون في وجه من ترتديه ولكن اليوم هذه السيدة ذكرتني أن الناس تختلف وتختلف جدًا فهناك من سيتقبلك كما أنت وهناك من سينفر منك . أذكر بالأمس في الميترو جلست أمامي سيدة متقدمة في العمر أيضًا وتحمل معها مشترياتها وكانت حريصة على عدم مضايقتي بالأكياس التي وضعتها أمامي وكنت اكرر لها لا بأس . لم تشعر بالراحة حتى أبعدتها تماما ! تعلمت اليوم من الأمس واليوم أن الناس تختلف في سلوكها  و هناك دائما مساحة للجمال في كل مكان وفي كل إنسان. 

* المقدمة واللمسات الشاعرية برعاية الصديقة العزيزة فائزة  Muslimegirl@

تعليقان

  • فعلاً أستاذة سمر … وأنتي أيضاً عندك تلك المساحة الجماليه .. تتواصلين مع الجميع بتواضع وصدق ..
    وبساطه … الله يزيدك

  • تدوينة جميلة. لو تكرمتي وسمحتي لي بالسؤال, الحجاب الذي تقصدينه هل هو النقاب أو الحجاب الذي يغطي الشعر من دون الوجه؟ أذا الثاني فلا داعي للاستغراب أما اذا كان الأول فأتفق معك أن ردة فعل السيدة لطيف.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *