يوميات أكاديمية

يوميات أكاديمية : اليوم الأول



***

اليوم الأول لي كمحاضرة يوم الأحد الموافق 21/10/1432 هــ كان يوم جميل بدأ في الساعة السادسة صباحًا ، حين استيقظت للاستعداد والخروج مبكرًا حتى أتمكن من الحصول على منهجي الدراسي . حين وصلت للجامعة ، بدأت في البحث عن مكاتب أعضاء هيئة التدريس حتى وصلت إليها ، تركت أغراضي الثقيلة وتوجهت للبحث عن قاعة محاضرتي . وجدت المكان ثم عدت مجددًا للمكتب و حصلت على المنهج الذي سأقوم بتدريسه للطالبات في الثامنة والنصف ، بدأت في تصفحه ثم انطلقت في التاسعة إلا ربع للقاعة للتأكد من سلامة جهاز العرض والقيام بتحضير القاعة ، لتفادي سرقة وقت المحاضرة. ولكن بدأ الفصل الدرامي سريعًا.

حاولت ضبط  الجهاز للعرض ولكن لم تفلح المحاولة، طلبت من الطالبات المتواجدات تدوين أسمائهن باللغة الإنجليزية والبريد الالكتروني المفضل ، ثم ذهبت للبحث عن موظفات الدعم الفني حتى وجدتهن بالصدفة ، حاولت الأولى ولم تفلح المحاولة . سألت الطالبات إن كن يعرفن بعضهن البعض أو صديقات ، فلم أجد سوى 4 طالبات يعرفن بعضهن بشكل جيد ، حينها بدأت بلعبة للتعارف لكسب الوقت ولخلق جو تعارف بين الجميع ومعرفة أسماء كل الطالبات، أحضرت معي بيضة بلاستيكية ، وطلبت من الطالبات التجمع في المقدمة وتكوين دائرة ، وكانت الفكرة قائمة على أن أقوم بالتعريف باسمي في البداية ثم أرسل الكرة لطالبة أخرى فتعيد التعريف باسمي ومن ثم تذكر اسمها وتقوم برميها لمن تليها وهكذا. * هذه اللعبة استخدمتها  أستاذة قامت بتدريسي بالجامعة في مرحلة البكالوريوس وقرأت عن فعاليتها في الكثير من المواقع التي تقدم مواد وأفكار وألعاب لمدرسي اللغة فقررت استخدمها.

حضرت المساعدة الفنية الثانية ونحن نلعب ! بدأت في المحاولات ثم أخبرتني بأنه لن أتمكن من استخدام العرض. أكملنا اللعبة وكنت سعيدة بأن الفتيات يحاولن تذكر أسماء بعضهن البعض في الدور . كانت فرصة جيدة لنتعارف عن قرب ولكن لم تقُذف لي البيضة أبدًا مجددًا  (  :. ثم بدأت أسال عن الأسماء التي حفظتها ، وعن ألقاب معينة ، وكن طالباتي رائعات . لم أفكر كثيرًا في موضوع العرض الذي بدأت في إعداده منذ عدة أيام ، وقضيت ليلة الأحد عدة ساعات عمل لأنجزه في برنامج عرض استخدمته لأول مرة. كانت اللحظة نفسها تشغلني .

***

“The Line Game “

ثم بدأت في الفقرة الثانية للتعارف بشكل مختلف . سألت الطالبات إن كن يفضلن أن أقوم بالتعريف عن نفسي أولاً أو نلعب لأعترف عليهن . فاتفقن على رغبتهن في التعرف علي ! قمت بالتعريف بنفسي ومن ثم سألتهن إن كان هناك سؤال يردن أن يسألنه . كنت متوقعة الصمت ، فكان السؤال المتداخل من عدة طالبات عن ” الحالة الاجتماعية ”  . ثم بدأن في تخمين العمر – المنطقة الخطرة –  . وثم انتقلنا إلى  لعبة  “The Line” وقد قمت باختيارها بعد مشاهدتي للفيلم المُلهم” The Freedom Writers”، طلبت من الطالبات الوقوف في صف على عتبة الدرجة الأمامية في القاعة وقلت لهن إذا كان ما سأذكره ينطبق عليك أنزلي الدرجة . بدأنا بالعمر وانتهينا إلى وجود ثلاث تواريخ ميلاد 1993 م- 1994م – 1992 م وكتبت التواريخ على السبورة  ، وكان جميل مقارنة الطالبات بين الأكبر والأصغر. ثم سألت عمن تمتلك ايفون ،ايباد ، بلاك بيري،  نوكيا ، روج ، من تحب الأكل؟ ، من فكرت في الدراسة في الخارج ؟، ومن كانت متخوفة من هذا العام ؟وهكذا .

هذه الألعاب كانت فرصة للتعرف على عدة أمور: التعرف على الأسماء ، معرفة ميول الطالبات للنشاط والحركة ، القدرات اللغوية ، قدرتهن على فهم التعليمات المقدمة باللغة الإنجليزية ، وكسر لحاجز العلاقة الجامدة بيني وبين الطالبات . تعلم اللغة يحتاج لمرونة وتقارب وقدرة على التفاعل مع الطرف الآخر بدون خوف أو خجل . وكما تعلمت من خلال دراستي وتطبيقي في المملكة المتحدة ، التنويع في الأنشطة ضروري  والجمع بين المتعة والفائدة .

“The Freedom Writers”

ثم تحدثت عن المنهج الذي سنقوم بدراسته والذي هو مقسم على ثلاث كتب . وبعدها قررت أن يكون وقت ” البريك ” لنلتقي في قاعتنا الأخرى وكنت لدي أمل وقتها في استخدام البروجكتر . حين انتقلت مباشرة للقاعة الثانية علمت أن جميع الأسلاك أصابها عطل وهناك مشاكل فنية تحتاج إلى حل . ذهبت أبحث عن بديل ولم أجد ، فتعلمت حينها كيف أتأقلم مع الموجود وأحرص دائما على وجود أنشطة ووسائل إضافية للقيام بأعمالي. فعدت للقاعة لنبدأ من جديد ، ولاحظت أن تصميم القاعة بديع ، حيث يأخذ المبنى شكل دائرة مقببة ، والطالبات يجلسن على طاولات نصف دائرية مدرجة بطريقة جميلة جدًا. هذا التشكيل هو الأنسب بالنسبة لنا حيث يشكل تعليميا الشكل الأفضل حيث يمكن لكل الطالبات رؤية ومقابلة بعضهن البعض . قررت تشغيل اللابتوب لأقدم لهم المعلومات الأساسية في البريزنتشن وكنت بحاجة ماسة لموصل كهربائي يصل بين شاحن جهازي وبين ” الفيش” الكهربائي الثلاثي  ولم أستطع الحصول عليه. وقتها أكدت على نفسي على إحضار كل ما يلزمني تجنبًا للمأزق !.

قررت المواصلة في النشاط الثاني والذي كان يهدف إلى التعرف على تفضيلات الطالبات ، الصفات المميزة لشخصية كل طالبة ، الأنشطة التي تميل للقيام بها ، وأخيرًا تقييم الطالبة لنقاط القوة والضعف في تعلمها للغة ليتم التركيز على تطوير كل طالبة في النواحي التي تجد فيها ضعف . طلبت من كل طالبة اختيار اللون المفضل لها من مجموعة الأوراق الملونة التي أحضرتها. ثم طلبت منهن رسم أيديهن  في منتصف الورقة وقمت برسم يدي . بدأن الفتيات في الضحك على أشكال الأيادي التي رسمنها ، بالرغم من جودتها وسوء رسمتي. ثم طلبت من كل فتاة أن تكتب على كل أصبع  الأشياء التي تميزها والأشياء التي تجيدها . كل فتاة كانت مميزة في ماكتبت وفي طريقة رسمها وفي تفننها في إضافة لمسات لليد وهذا أعجبني . أحببت الإبداع في العطاء ، قرأت لبعض الطالبات اللواتي انتهين مبكرا ، ثم أعطيت فرصة لمجموعة أخرى لتقرأ للفصل. ثم انتقلنا للجزء الثاني من المهمة حيث طلبت منهن على الجانب الآخر من الورقة تقسيمها لقسمين وذكر نقاط القوة والضعف لديهن في تعلم اللغة. وشددت على ضرورة التفصيل في تحديد هذه النقاط وعدم الاكتفاء مثلا بكتابة ضعف في القراءة بل تحديد نقاط الضعف مثلا في فهم النصوص أو المفردات الجديدة. أردت أن انتهز الفرصة بينما الفتيان منهمكات في الكتابة لأعرف كيف يمكنني تشغيل مقاطع الاستماع للطالبات حيث سنبدأ في الوحدة الأولى بالكتاب فعلمت أنه يتوجب على تنزيل الفقرات السمعية وإحضار سماعاتي الخاصة. عدت للفصل وجمعت من الطالبات الأوراق الملونة ثم ذكرت لهن الهدف من هذا النشاط. وأثنيت على النتائج البديعة في التطبيق.

*فكرة رسم اليد اقتبستها من دورة حضرتها وأعجبتني في التطبيق

سأعمل من خلال هذا الجانب على تشجيع الطالبات على تطوير قدراتهن اللغوية بالوسائل المناسبة ، لأن تعلم اللغة بدون حافز ممتع يجعها حاجز للطالب. مثلا هناك طالبات ذكرن أنهن يحببن قراءة الروايات سأزودهن بروايات ( (graded وهكذا . حيث سألتقي بالطالبات لقاء أول لمناقشة النقاط التي ذكرتها حول تعلمها للغة ومن ثم نضع خطة تطوير ونقيس مدى الاستفادة منها شهريا. وسأطلب من الطالبات تحديد الوسيلة المناسبة لهن لهذا اللقاء ونتفق على جدولة المواعيد. لدي 26 طالبة مميزة ، 26 فرصة استثمار ، هن مشروعي للثلاث شهور القادمة لذلك قلت لهن نريد تغير بنهاية هذا الفصل الدراسي ، ليس فقط هي الدرجات الطموح والهدف بل تطوير اللغة التي ستظل تستخدمها الطالبة في الدراسة وخارجها .

بعد الانتهاء من هذه المهمة ، بدأنا في الوحدة الأولى للكتاب والتي وجدتها سهلة بعد تقييم مستوى الطالبات وكان هناك تجاوب جميل مع الوحدة وحماس ونشاط ورغبة في المشاركة . من الطريف أن بعض الطالبات يرددن ” تيتشر تيتشر” مع رفع اليد حتى أعطيهن فرصة للإجابة ، فأخبرتهن بأن هذا في المدرسة وليس الجامعة ، كما لازالت هناك طالبات يفضلن الوقوف وأيضًا أخبرتهن بأنه لا بأس من أن تجلس الطالبة مسترخية في مكانها وتجيب على السؤال. ومن الغريب أيضًا اكتشفت في منتصف الفصل أن الفتيات حين يقرأن المحادثة ينطقن أسماء عربية بينما لدي أسماء أعجمية فعلمت أن النسخة التي حصلت عليها تختلف قليلا عنهم مع الإصدار الخاص للمناهج الذي لديهن والذي هو موجهه لطلاب الشرق الأوسط.

ماذا تعلمت من اليوم الأول ؟

– تعلمت التأقلم مع الظروف وتوقع كل الاحتمالات . وعدم الاعتماد على التقنية .

– تعلمت أنه يتوجب أحيانًا استخدام الوسائل المتوفرة ، وخلق الحلول البديلة .

– تعلمت أن التحكم في  نجاح يومي ليكون سعيد هو بيدي ، فتمكنت من صنع يوم سعيد حافل رغم كل ” المطبات ” التي مررت بها . 

الصعوبات : 

– صعوبات تقنية وقد قمت بحل أهم صعوبة منها بشراء ميكرفون وتنزيل تماريع الاستماع من السي دي للاب توب ومن اللاب توب للايباد . 

– اختلاف الأسماء وبعض المعلومات بين منهجي ومنهج الطالبات ، وقد بدأت أتغلب على هذا الأمر بالتأكد ومقارنه الأنشطة ، لحين حصولي على المنهج . 

نقاط تحتاج لتطوير :

– إعطاء التعليمات للطالبات في الأنشطة بشكل مناسب ، واختيار المفردات المناسبة .

– تذكر أسماء جميع الطالبات * أتذكر الآن أسماء نسبة جيدة مع نهاية اليوم الرابع *

أدوات :

خصصت صندوق منذ اليوم الأول للأدوات الضرورية والمنقذة ومنها : أقلام السبورة ، أقلام خط ، أقلام ، نوت ، أوراق ملونة ، بيضة بلاستيكية ، مناديل ، مشابك ودبابيس ، مفتاح المكتب . الصندوق يساعد على إبقاء كل ما احتاجه من أدوات في مكان واحد ويسهل حمله من مكان لمكان دون نسيان أي شيء أحناجه .

حلول :


1- لغياب الوسائل التقنية المناسبة لتشغيل السي دي ، قمت في نفس اليوم بزيارة مكتبه جرير وشراء مايكريفون  Logistics والذي يمكن أن يغطي مدرج ويؤدي الغرض المطلوب ويعمل على الايباد .

2- ولغياب الانترنت اعتمدت على الايباد في استخدام الانترنت واستعراض الملفات  وأيضًا لتشغيل الاستماع.

ملحوظة:

اليوميات لاتضمن الإشارة إلى أشخاص ، وقد حصلت على موافقة شفوية من الطالبات لإضافة الأنشطة مع الحفاظ على الخصوصية .

10 تعليقات

  • بصراحة إبداع ماشاء الله فعلاً هذا هي طرق التدريس اللي تفتح النفس مو الروتين القاتل وصدقيني هذه الطرق لها مردود جداً إيجابي على البنات وراح تزرعين فيهم شئ حلو ويكون له أثر مستقبلاً والله يوفقك ويرزقنا أستاذة مثلك

    • ماشاء الله،ابداع رائع ومجهود واضح في القاء المواضيع وشد انتباه الطالبات مما يجعل تعلم اللغة سهلا وممتعا..

      رربي يوفقك ويسهل اموررك ..استمري بأبداعك

  • ماشاء الله تبارك الله ,,, الله يفتح عليك يارب ويهون عليك كل صعب بصراحة افتخر جدا انني كنت يوما ما زميلتك الدراسية
    مجهود رائع ينم عن خبرة وثقافة واسعة في حقل وسائل التعليم وتقنيات وفن ايصال المعلومة باسلوب محفز وممتع ,,, مهارة القبعات الست ممكن تفيدك كثير اذا بحثتي عنها
    اسال الله لك التوفيق والسداد اغبط طالباتك يا مبدعة,,,
    سؤال اخير : هل كان الماجستير في الادب الانجليزي؟

    • مرحبا بتول ،
      وأنا كذالك أفخر بك كزميلة متميزة . أحاول أطبق اساليب التعلم الحديثة التي اقراء عنها والتي تعلمتها أيضًا في الجامعة .

      المسار الذي درسته هو في تعليم اللغة الإنجليزية ، الأدب هو عشقي الأبدي ولكن لم أشعر في يوم من الأيام أن تدريس الأدب سيكون مشروع مُهلم بالنسبة لي .

      تحياتي

  • ما شاء الله .. للأمانة طريقتك الأنيقة والفعالة لا يستخدمها من هو أعلى منك في (( الشهادة فقط))!

    أبدعت جداً واستخدمتي أسلوباً جميلاً , بداية جيدة وجميلة في بداية مشوارك كمحاضرة .. الله يوفقك ويرزقك أعلى الدرجات في الدارين 🙂

  • مشاء الله تبارك الله الله يحميكي ويحفظك مااعرف ايش أقولك الا انو ربنا يوفقك ويسهلك أمورك ويتورط دربك لأنك إنسانه رائعه

  • استاذتي المتميزة
    حلقي في سماء الأبداع والتميز
    ولا تستسلمي امام امكانيات الجامعة وتثبيط المثبطين .
    الله يوفقك ولا تنس النية في جميع اعمالك .

  • رـآأآأإآئع اسسسسلوبك وطريقتك فـ التـدريس ..

    اانأإ هنا خلف تلك الشـأشه استمتعت .. مـآأذا عن طالـباتك هنيـء لهم..

    يعطيكي الف الف عـآأفيه ..ْ

  • جامعاتنا السعودية وبحكم أني خريج جامعة الملك سعود وبالتحديد كلية الحقوق فيها والتي لاتحمل من الحقوق شيئا في واقع الحال فذكرياتي سيئة مع أعضاء هيئة تدريس يشعرون تربعهم على القمة وطلبتهم كحشرات فحقوق الطلبة مهضومة ولاصوت يعلو فوق صوت الدكتور وفي النهاية خريج بتقدير مقبول بلا جنايث اقترفها سوى إلتحاقة بهذه الجامعة التعيسة 

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *