يوميات أكاديمية

عن رحلة الدكتوراه

 

رحلة الدكتوراه هي رحلة يقرر فيها الباحث أن يبحر حتى يصل إلى شاطئ من الأمان ، يبحث فيه عن العلم والمعرفة. هذه الرحلة ليس له فيها رفيق في السفينة سوى القبطان الذي يقودها أو يدع له القيادة . إذا قررت أن تبدأ رحلة مماثلة تأكد بأنك ستلتحف الأرض والسماء ولاشيء سواهما سيقدم لك الدعم الكافي نفسي عاطفي اجتماعي دراسي أكثر من قبطان يجيد توجيهك في الإتجاه الصحيح ويتلمس احتياجاتك. 

قبل عدة أشهر ضج تويتر بموضوع الشهادات المزيفة ، وكانت هناك سخرية شديدة من سهولة الحصول على الشهادة بالمراسلة أو بالشراء أو بمعنى آخر بطرق قانونية أو غير قانونية ، فقرر بعض المغردون تقمص دور حاملي الدكتوراه لأنها من وجهه نظرهم أصبحت أمر سهل المنال. كانت هناك الكثير من السخرية والتندر وكان هناك السؤال ماذا يعني حامل دكتوراه؟ هل هذا يعني شخص ثقة؟ هل يعني هو شخص مؤهل ؟ هل تعني شخص متزن؟ آم تعني شخص منفتح ؟ . 

الأسئلة أعلاه مختلطة تمامًا مابين الحكم على الشخص والشخصية والشهادة التي يحملها . فكثيرًا ما يقول الناس في نقد رأي غير مقبول لحامل دكتوراه فقد يتردد أن يعلق الناس :

– يحمل الدكتوراه ولا يجيد الإملاء .

– يحمل الدكتوراه ولا يملك منطق.

– يحمل الدكتوراه ولا يقبل الرأي الآخر .

– يحمل الدكتوراه ولا يفقه شيئا. 

– يحمل الدكتوراه وتصرفاته غير مقبولة .

 

الرسم البياني يوضح حجم الإضافة التي يساهم بها حامل الدكتوراه إضافة صغيرة بجانب عمل غيره تصنع معرفة متكاملة

حقيقة الدكتوراه ليست شهادة أخلاق وثقافة وتربية وتعامل ، الدكتوراه هي شهادة تشهد لحاملها بأنه متخصص في الجزء الصغير جدًا الذي أضافه للعلم من خلال رسالته كما تشهد بأنه شخص متمرس في البحث العلمي ( نقطة في نهاية السطر) . حامل الدكتوراه يعتبر خبير في مجال بحثه الذي قام به وليس في مجال تخصصه ككل . لنفترض أن شخص يحمل شهادة دكتوراه في الأدب وكان بحثه عن الشعر في العصر الحديث في السعودية ، حقيقة حامل هذه الشهادة هو شخص متقدم ومتخصص جدًا في الشعر في العصر الحديث في السعودية. ويمكن أن يكون مرجع في تخصصه الدقيق جدًا. 

نقطة آخرى ، كانت هناك بعض الأسئلة التي تقلل من قيمة أو أهمية الدكتوراه وأنها ليست ضرورية من جهه بينما هناك من يرى العكس . حقيقة  من يحب طلب العلم والبحث العلمي سيجد في الدكتوراه ملاذ لأنها ستساعده في تطوير مهاراته  البحثية وإنجاز أبحاثه ، بالطبع يستطيع القيام بذلك بدونها ولكنها تمرين شاق للحصول على شهادة اجتياز. الآمر الآخر من يبحث عن فرص عمل في المجال الأكاديمي بكل تأكيد سيحتاج لشهادة ماجستير أو دكتوراه حتى يتمكن من التدريس والإشراف ومواصلة البحث والنشر العلمي. المسألة ليست مسألة لا قيمة لها أو لا قيمة للحياة بدونها بل مسألة قرار واختيار.

بالنسبة لي لم تكن الدراسات العليا حلمي يومًا ما ، ولم افكر بلحظة في الشهادة كشهادة تضاف لسجلي أو لقب أحمله بل حقيقة أقبلت على دراسة الماجستير لأن البكالوريوس كان عام ومن كل بحر قطرة في الأدب واللغويات والترجمة والمواد العامة. كنت متعطشة لدراسة أكثر. لما انتهيت من الماجستير كنت أحلم ببعد أوسع للدراسة والبحث العلمي حتى صار هدفي إتقان مهارات البحث العلمي . لن يهمني اللقب ولا أخفيكم أنه كان يضايقني جدًا مناداة الطالبات لي بـ ” دكتورة ” وكن أخبرهن أني لا أحمل هذا اللقب ، كما يضايقني استخدام بعض أصدقائي له  لأنه لقب لا أحمله ولن أطالب بمناداتي به حتى بعد حصولي على الدكتوراه بإذن الله . وليقل عني من يشاء مثالية زائدة ولكني حقيقة لن أجعل لقب لايقدم ولايؤخر يحكم علاقتي بطالباتي والناس. والله ولي التوفيق

 

مصدر الصورة :

http://matt.might.net/articles/phd-school-in-pictures/#license

4 تعليقات

  • هل سمعت فيما مضي او في الآثار و القصص عن غريب .. لم تكن الدكتوراه هي اقصى امانية .. كما لم يكن ذا مال و لم يؤت سعة من المال .. و لكن يسر الله لابية متوسط الحال ان ابتعثة على حسابه لعام واحد ينهي بها الماجستير و لما فعل .. اصر عليه ابوه ان يكمل للدكتوراه .. و فعل و لما عاد صار اشعث اغبر مدفوع بالابواب لا يجد موطئ قدم في مجموعات البحث او حتى في التدريس في المستويات الجامعية الاولى ..
    فلم تعد المسالة هى الاختيار فقط و انما القوانين و الاعراف ..

    انطوت سنة اخري من العمر …
    اسعدتني و احزنتني بحلو و مر …
    وكل سنة تحفر في وجهي ممر …
    و انظر الى ذاك الشيخ و تلك العجوز …
    فاراني فى مرءآة القدر …
    و مازلت غريب الدار لا اجد مستقر …
    اربعون عاما ترحال و سفر …
    سئمت البغي و ظلم البشر …
    مللت اقصاء القوم لان لي وجهة نظر …
    حتى اذا وجدت في عينيك الوطن …
    جعلوا بيننا حواجز و جدر …
    قالوا غريب الدار ليس لك قبيلة و انت لدينا محتقر …
    لا تقترب … فالغرباء لدينا ليس لهم وزن هنا …
    و سيصبهم منا اذا اقتربوا ما فيه مزدجر …
    تبا لكم الا تخافون ان يصيبكم مس من سقر …
    *****************

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *